يمكن تعريف العصف الذهني بأنه عملية توليد أفكار بكميات هائلة من خلال عملية منظمة ومبنية على قواعد واضحة. تتضمن هذه العملية جعل العقل مفتوحًا تمامًا دون أي قيود تحد من قدرته على التفكير الإبداعي. يعتبر العصف الذهني وسيلة فعالة لاستنباط الأفكار أو ترتيبها، خاصةً عندما يواجه الشخص صعوبة في إيجاد أفكار جديدة أو يفتقد إلى الإلهام اللازم.
إن الهدف من العصف الذهني ليس فقط إيجاد أفكار جديدة، بل يتعداه ليشمل اكتشاف نقاط مخصصة ترتبط بالموضوع العام الذي يفكر فيه. يمكن استخدام هذه الطريقة العلمية لتضييق نطاق الأفكار وتحديد تركيزها، أو إعادة ترتيبها بشكل مفيد، أو حتى لاكتشاف العلاقات المشتركة بينها للسماح ببدء التخطيط الفعّال للمهمة المعيّنة.
بداية ظهور العصف الذهني
تعود جذور العصف الذهني إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، حيث أُسست شركة BBDO في مدينة نيويورك، والتي تُعتبر واحدة من أبرز الشركات في مجال الإعلانات. بعد انتهاء الحرب، بدأت الشركة تتراجع في أرباحها مما دفع أحد مؤسسيها، روي دورستين، للانسحاب وتأسيس شركة إعلانات خاصة به. في هذا السياق الحرج، برز أليكس أوزبورن، زميل مؤسسي الشركة، بطموحه الكبير وشغفه بالتفكير الإبداعي.
أوزبورن وضع طريقة مبتكرة باسم “التفكير التخيلي” لتشجيع الموظفين على تقديم أفكار جديدة لتعزيز نجاح الشركة. كتب أوزبورن كتابًا بعنوان “كيفية التفكير التخيلي” الذي كان البداية لفكرة العصف الذهني التي طرحها في وقت لاحق. نتيجة لهذه الجهود، تمكنت الشركة من أن تصبح ثاني أكبر شركة إعلانات في أمريكا، وقد حققت أرباحًا تقدر بمئة مليون دولار في عام 1951.
أقرأ أيضا: شركة نقل اثاث بالرياض
أوزبورن أكد على أن مجموعات العصف الذهني يجب أن تضم بين خمسة إلى اثني عشر شخصًا من ذوي الخبرات المتنوعة. عقدت الشركة أكثر من 400 جلسة عصف ذهني أسفرت عن نحو 34000 فكرة جديدة، من بينها 2000 فكرة ذات جودة عالية قابلة للاستثمار.
الجلسات كانت تقام في أجواء خاصة لتعزيز الإبداع وتشجيع تبادل الأفكار. كان من الضروري أن يكون أعضاء المجموعة على دراية كاملة بالمشكلة المطروحة وتدريبهم على تقنيات العصف الذهني.
تطوّر مفهوم العصف الذهني
بعد نجاح شركة BBDO، انتشر استخدام العصف الذهني في الشركات الأمريكية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. في عام 1958، أجرى دونالد تايلور دراسة في جامعة ييل لمقارنة فعالية العصف الذهني الجماعي مع العصف الذهني الفردي. ولكن تلك الدراسة كانت غير متقنة بما فيه الكفاية، حيث كانت تفتقر إلى الالتزام بطريقة العصف الذهني الجماعي كما وضعها أوزبورن.
ظهرت العديد من الدراسات التي قارنت بين فعالية جلسات العصف الذهني الجماعي والفردي بناءً على دراسة جامعة ييل السابقة. أظهرت بعض هذه الدراسات أن العصف الذهني الفردي يمكن أن يكون أكثر فعالية من الجماعي.
أقرأ أيضا: تخزين اثاث بالرياض
بالرغم من ذلك، بدأت آراء جديدة تتحدث عن ضرورة التركيز على جودة الأفكار بدلاً من الكمية، مما أدى إلى ظهور مدرسة فكرية تروج لفكرة أن العصف الذهني الفردي أكثر فعالية من الجماعي.
في عام 1998، قام سكوت إسكسن بمراجعة خمسين دراسة حول عمليات العصف الذهني التي تم إجراؤها بين عامي 1958 و1988. أظهرت المراجعة أن الباحثين لم يلتزموا بالقواعد التي وضعها أوزبورن لعمليات العصف الذهني.
أقرأ أيضا: تخزين اثاث بالرياض
بالرغم من هذه التحفظات، فإن تقنيات العصف الذهني لا تزال تلقى اهتماماً كبيراً من الشركات والمؤسسات التي تسعى لتحقيق الابتكار.
القواعد الأساسية للعصف الذهني
تأثّر أليكس أوزبورن في تطوير مفهوم العصف الذهني بنظريات التفكير الإبداعي لجراهام والاس. وضع أوزبورن قواعد أساسية لعمليات العصف الذهني، ترتكز على التركيز على الكم، حيث يهدف إلى الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأفكار دون النظر إلى جودتها. كما تعنى قاعدة حجب النقد بتأجيل الحكم على الأفكار حتى انتهاء عملية العصف الذهني، دون توجيه النقد لأي فكرة. كما تشجع قاعدة تقبّل الأفكار الجديدة على طرح جميع الأفكار بغض النظر عن غرابتها. وتهدف قاعدة تطوير الأفكار ودمجها إلى دمج وتطوير الأفكار الناتجة من العصف الذهني.